تقرير استقصائي عن انتهاكات الدعم السريع ضد النساء وجرائم الاغتصاب في حرب السودان

مقدمة

منذ اندلاع الحرب في السودان بين القوات المسلحة السودانية ومليشيا الدعم السريع (الجنجويد) في أبريل 2023، تعرض المدنيون، وخاصة النساء، لأبشع أشكال العنف والانتهاكات. تزايدت التقارير المروعة عن استخدام الاغتصاب كأداة حرب من قبل مليشيا الجنجويد، مما أسفر عن تأثيرات نفسية وجسدية طويلة الأمد على آلاف النساء في جميع أنحاء السودان، وخصوصًا في دارفور. يعاني الضحايا من العزلة، وصعوبة الوصول إلى العدالة، وسط تجاهل دولي متزايد.

خلفية

مليشيا الجنجويد، المعروفة بتاريخها الدموي منذ بداية الصراع في دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أعادت نفسها كقوة رئيسية في النزاع السوداني الجديد. لقد استهدفت هذه المليشيا النساء بشكل خاص، واستخدمت الاغتصاب ليس فقط كوسيلة للإرهاب ولكن أيضًا كوسيلة لتحطيم النسيج الاجتماعي للمجتمعات المستهدفة.

المنهجية

تم جمع المعلومات الواردة في هذا التقرير من خلال عدة مصادر، بما في ذلك:

  • شهادات حية من الضحايا الناجين.
  • مراجعة وتحليل التقارير الحقوقية المحلية والدولية.
  • توثيق الحوادث من خلال الفيديوهات والصور التي تم الحصول عليها من مصادر موثوقة.
  • التقديرات العددية المستندة إلى الدراسات والبحوث المتعلقة بالنزاع في السودان.

الانتهاكات والجرائم الموثقة

1. الاغتصاب الجماعي والاعتداء الجنسي

الاغتصاب الجماعي أصبح ظاهرة شائعة في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الجنجويد. يشير التقرير إلى أن أكثر من 3,000 حالة اغتصاب قد تم توثيقها حتى الآن في دارفور وحدها، مع تأكيد شهادات الناجين على وحشية غير مسبوقة، حيث يتم استهداف النساء والفتيات بشكل منهجي. تتراوح أعمار الضحايا بين 10 إلى 60 عامًا، ما يعكس عدم تمييز الجناة بين الأطفال وكبار السن.

2. الاختطاف والاستعباد الجنسي

بالإضافة إلى حالات الاغتصاب، تم توثيق العديد من حالات الاختطاف والاستعباد الجنسي. تستهدف مليشيا الجنجويد النساء والفتيات من المناطق الريفية والمخيمات. بعد الاختطاف، يتم احتجازهن في معسكرات أو مواقع سرية حيث يتعرضن للاستعباد الجنسي لفترات طويلة. وفقًا للتقديرات، فإن عدد النساء المختطفات يتراوح بين 500 و800 امرأة.

3. استخدام العنف الجسدي والتعذيب

إلى جانب الجرائم الجنسية، تتعرض النساء للعنف الجسدي والتعذيب. تتنوع أشكال التعذيب بين الضرب المبرح، الحرق، والتشويه، حيث تم توثيق حالات للنساء تعرضن للضرب بالعصي الخشبية والعكازات. في إحدى الشهادات التي تم توثيقها في دارفور، ذكرت إحدى الضحايا أن ثلاثة رجال، يرتدون زي الدعم السريع، قاموا باختطافها وضربها بشكل وحشي قبل أن تتعرض للاغتصاب الجماعي.

التقديرات العددية لضحايا الانتهاكات خلال عام ونصف من الحرب

بناءً على التحليلات والبيانات المتوفرة من المنظمات الحقوقية، يمكن تقدير العدد الإجمالي للنساء اللاتي تعرضن للعنف الجنسي والانتهاكات المرتبطة به منذ بداية الحرب كما يلي:

  • حالات الاغتصاب المؤكدة والمشتبه بها: 5,000 إلى 7,000 حالة.
  • حالات الاختطاف والاستعباد الجنسي: 500 إلى 800 حالة.
  • ضحايا العنف الجسدي والتعذيب: أكثر من 10,000 امرأة.

الإجمالي المتوقع للضحايا من النساء: يتراوح بين 15,500 و18,000 امرأة.

شهادات حية من الضحايا

 

م . إ : تبلغ من العمر 16 عامًا تم اخفاء مكان اقامتها للحفاظ على سلامتها. في طريقها من السوق إلى منزلها، تعرضت مريم للاختطاف من قبل أربعة رجال، بينهم اثنان يرتديان زي الدعم السريع. تم اغتصابها بشكل وحشي وتركها في حالة حرجة.

ر. م . أ . ع : في شهر ديسمبر الماضي، خرجت  لجمع القش والحطب. أثناء ذلك، ظهر مجموعة من الرجال يقودون الجمال وبدأوا بضرب الناس بالسوط. حاولت رشا التدخل ومنعتهم، ممسكة بالسوط، ولكن سرعان ما جاء آخر من الخلف وضربها في ظهرها. أخبروها بلهجة قاسية أن العمل في جمع القش قد تم منعه، وقاموا بإهانتها وسبها بشكل مسيء لشرفها وإساءة معاملتها، مضيفين بتهكم أنهم يعتبرونها ومن معها “نساء الجيش”.

نازحة من معسكر كلمة : في أحد أيام النزوح القاسية من معسكر كلمة، تحكي النازحة انها كانت تحاول بصمت توفير لقمة العيش لأبنائها. خرجت لجمع القش والحطب، عازمة على تحضير وجبة طعام تسد رمق صغارها الجائعين. ولكن بدلًا من العودة بما يسد جوعهم، عادت بجراح أعمق من الجوع نفسه.

فوجئت بظهور أحد أفراد قوات الدعم السريع، يرافقه اثنان آخران، ليعتدوا عليها بوحشية. ضربوها بلا رحمة، وعندما حاولت المقاومة للحفاظ على كرامتها، انتزعوا منها حبل الرباط الذي كانت تجمع به الحطب. وكأن الضرب لم يكن كافياً، قاموا بإهانتها بعبارات قاسية تحط من قدرها كامرأة، مستخدمين ألفاظاً عنصرية مزرية . لم يكتفوا بذلك، بل قالوا لها بصلف أنهم يرون أنها لا تستحق حتى الطعام الذي كانت تسعى لجمعه.

هذه القصة ليست فقط عن اعتداء جسدي، بل عن محاولة لسرقة الكرامة وتدمير الروح. لكنها تبقى شاهداً على قوة النساء اللواتي يواصلن العيش والصمود رغم كل شيء.

ع . ح . س : تعرضت لإصابات خطيرة في البطن والأرجل نتيجة لهجوم من قبل قوات الدعم السريع تم توثيق شهادتها كجزء من الجرائم المرتكبة في معسكرات النازحين.

 

ر. أ . م . أ : لديها اربعة ابناء تقوم برعايتهم وتحكي رقية ذهبنا لقطع السعف الذي نستخدمه في الصناعات اليدوية لكسب العيش فقابلونا عرب وهم (دعامة – RSF) فقاموا بضربنا واغتصابنا تم توثيق شهادتها كجزء من الجرائم المرتكبة في معسكرات النازحين.

ش . خ : اختطفوها وضربوها، وتم خطفها كانت تبكي، لكن صرخاتها لم تجد من ينقذها. اختطفوها بعيداً عن أهلها، عن حياتها، عن كل ما تعرفه. تعرضت لأبشع أنواع الاعتداء، فقد انتهكت براءتها وسلبت كرامتها.
حيث تعيش العائلات البسيطة بسلام، خرجت ش وأهلها ذات يوم لجمع الحطب، نشاط يومي تحول إلى كابوس لم تكن تتوقعه. تلك الأرض التي عاشت فيها بأمان تحولت فجأة إلى ساحة للرعب والخوف.

التوصيات

  1. فتح تحقيق دولي: يجب إجراء تحقيقات دولية مستقلة ومحايدة في جرائم الاغتصاب والانتهاكات الأخرى التي ارتكبتها مليشيا الجنجويد، مع التركيز على محاسبة الجناة في محاكم دولية.

  2. توفير الحماية والدعم للضحايا: يجب أن يتم توفير حماية عاجلة للنساء في المناطق المتضررة، بالإضافة إلى توفير الدعم النفسي والجسدي للضحايا. كما يجب تأمين مسارات آمنة للنساء للخروج من مناطق النزاع.

  3. تعزيز العقوبات الدولية: يجب أن يتم فرض عقوبات دولية صارمة على قادة مليشيا الجنجويد وكل من يثبت تورطهم في هذه الجرائم، بما في ذلك تجميد الأصول وحظر السفر.

  4. نشر الوعي وتوثيق الجرائم: يجب تشجيع المجتمع الدولي على نشر الوعي حول الانتهاكات المرتكبة في السودان، ودعم الجهود الرامية لتوثيق الجرائم وتقديم الأدلة أمام المحاكم الدولية.

المصادر

  • تقارير الشبكة السودانية لحقوق الإنسان.
  • تقارير الأمم المتحدة عن حقوق الإنسان في السودان.
  • شهادات موثقة من الناجين والناجيات من الجرائم.
  • فيديوهات وصور تم الحصول عليها من مصادر موثوقة توثق الجرائم والانتهاكات.
  • تقديرات منظمات حقوق الإنسان الدولية بشأن الانتهاكات في دارفور.

تقارير أخرى عن حالات الاغتصاب في الحرب على السودان:

تقرير خاص-سودانيات يروين كيف تعرضن للاغتصاب على يد مسلحين خلال هجمات عرقية

ضحايا الاغتصاب .. جرح مفتوح في الحرب

سودانيات اغتصبن في الحرب يروين تجاربهن

كيف وضعت الحرب نساء سودانيات في “أمومة قسرية”

يتبع…

 

Share this content:

"Sudan Voice" is a media platform dedicated to highlighting humanitarian, political, and social issues in Sudan. The platform focuses on covering ongoing events, particularly those related to displaced persons and human rights, through field reports and direct testimonies from affected areas. The "Sudan Voice" team aims to give a voice to the voiceless by conveying the struggles of the Sudanese people and addressing issues of conflict, poverty, and displacement. Additionally, the platform seeks to influence both local and international public opinion and raise awareness of the urgent issues currently facing Sudan.

إرسال التعليق

You May Have Missed